الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة **
وهي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة: فبها سافر الراضي وبجكم لمحاربة الحسن بن عبد الله بن حمدان وكان قدأخرالحمل عما ضمنه من الموصل والجزيرة فأقام الراضي بتكريت ثم التقى بجكم وآبن حمدان وانهزم أصحاب بجكم وأسر بعضهم فحنق بجكم وحمل بنفسه فانهزم أصحاب ابن حمدان وأتبعه بجكم إلى أن بلغ نصيبين وهرب ابن حمدان إلى آمد ثم آصطلحا بعد ذلك وصاهر بجكم الحسن بن حمدان المذكور. وفيها مات الوزيرأبوالفتح الفضل بن جعفربن الفرات بالرملة. وفيها آستوزر الراضي أبا عبد الله أحمد بن محمد البريدي أشارعليه بذلك ابن شيرزاد وقال نكفى شره فبعث الراضي قاضي القضاة أبا الحسين عمر بن محمد بن يوسف إليه بالخلع والتقليد. وفيها كتب أبو علي عمربن يحيى العلوي إلى القرمطي وكان يحبه أن يطلق طريق الحاج ويعطيه عن كل حمل خمسة دنانير فأذن وحج بالناس وهي أول سنة أخذ فيها المكس من الحجاج. وفيها توفي عبد الرحمن بن محمد بن إدريس أبو محمد بن أبي حاتم الرازي الحافظ ابن الحافظ كان إماما صنف " الجرح والتعديل قال أحمد بن عبد الله النيسابوري: كنا عنده وهويقرأ علينا الجرح والتعد يل الذي صنفه فدخل يوسف بن الحسين الرازي فجلس وقال: يا أبا محمد ما هذا فقال: الجرح والتعد يل قال: وما معناه قال: أظهر أحوال العلماء من كان ثقة ومن كان غير ثقة فقال له يوسف أما استحييت من الله تعالى تذكر أقواما قد حطوا رواحلهم في الجنة أو عند الله منذ مائة سنة أو مائتي سنة تغتابهم فبكى عبد الرحمن وقال يا أبا يعقوب والله لوطرق سمعي هذا الكلام قبل أن أصنفه ما صنفته وارتعد وسقط الكتاب من يده ولم يقرأ في ذلك المجلس قلت: فلورأى الشيخ يوسف كلام الخطيب في تاريخ بغداد وهويقع في حق العلماء الأعلام الزهاد بكلام يخرجهم من الإسلام بذلك اللسان الخبيث فما كان يفعل به. و فيها توفي محمد بن جعفربن محمد أبو بكر الخرائطي من أهل سرمن رأى وكان عالما ثقة جيد التصانيف متفننا رضي الله عنه الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبو علي الحسين بن القاسم الكوفي وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في المحرم وأبو بكر محمد بن جعفر السامري الخرائطي أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلاث أذرع وعشرون إصبعا مبلغ الزيادة أربع عشرة ذراعا وإحدى وعشرون إصبعًا. السنة السادسة من ولاية الإخشيذ وهي سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة: فيها ورد الخبر إلى بغداد بأن سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان هزم الدمستق وفيها خرج بجكم إلى الجبل وعاد. وفيها غرقت بغداد غرقا عظيما بلغت الزيادة تسع عشرة ذراعا وأنبثق بثق من نواحي الأنبار فآجتاح القرى وغرق من الناس والسباع والبهائم ما لا يحصى ودخل الماء إلى بغداد من الجانب وفيها تزوج بجكم بسارة بنت الوزير أبي عبد الله البريدي. وفيها في شعبان توفي قاضي القضاة أبوالحسين عمربن محمد بن يوسف وقلد مكانه ابنه القاضي أبو نصريوسف. وفيها فسد الحال بين بجكم وبين الوزير أبي عبد الله البريدي بعد المصاهرة لأمور صدرت فعزل بجكم الوزير المذكور وآستوزر مكانه أبا القاسم سليمان بن الحسن بن مخلد وخرج بجكم إلى واسط. وفي شهر رمضان ملك محمد بن رائق حمص والشام إلى الرملة وإلى العريش ووقع بينه وبين الإخشيذ وقعة انهزم فيها الإخشيذ قلت: هي الوقعة التي ذكرناها في ترجمة الإخشيذ. وفيها توفي أحمد بن محمد بن عبدربه بن حبيب أبوعمر الاموي مولى هشام بن عبد الرحمن الداخل الأموي الأندلسي القرطبي صاحب كتاب العقد الفريد في الأخبار ولد سنة ست وأربعين ومائتين وكان أديب الأندلس وفصيحها مدح ملوك الأندلس وكان صدوقا ثقة وهو القائل: الجسم بلد والروح في بلد يا وحشة الروح بل يا غربة الجسد إن تبك عيناك لي يا من كلفت به من رحمة فهما سهماك في كبدي وله: خود سقتني كأس الموت أعينها ماذا سقتنيه تلك الأعين الحور إذا آبتسمن قدر الثغر منتظم وإن نطقن فدر اللفظ منثور وفيها توفي الحسن بن أحمد بن يزيد أبو سعيد الإصطخري شيخ الشافعية سمع الكثير وحدث وبرع في الفقه وغيره ومات في جمادى الأخرة. وفيها توفي محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت أبو الحسن المقرىء المشهور المعروف بآبن شنبود وقد تقدم ذكر واقعته مع الوزير ابن مقلة في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة قرأ ابن شنبود على أبي حسان محمد بن أحمد العنبري وإسماعيل بن عبد الله النحاس والزبيربن محمد بن عبد الله العمري المدني صاحب قال ومع الحديث أيضًا من جماعة وقرأ القرآن ببغداد سنين قرأ عليه خلائق وكان قد تخير لنفسه شواذ قراءة كان يقرأ بها في المحراب حتى فحص أمره وقبض عليه في سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة ووقع له ما حكيناه مع ابن مقلة. وفيها توفّي محمد بن عبد الوهاب بن عبد الرحمن بن عبد الوهاب أبوعليّ الثقَفِيئ النَّيْسابورفي الزاهد الواعظ الفقيه هومن وَلَد الحَخاج بن يوسف الثقَفِي وُلد بقُوهِسْتَان سنة أربع وأربعين ومائتين وسمِع الحديث في كِبَره من جماعة وروَى عنه آخرون وكان كبير الشأن أُعْجوبةَ زمانه وفيها توفّي محمد بن عليّ بن الحسن بن مُقْلة أبوعلي الوزير صاحب الخط المنسوب ولي بعضَ أعمال فارس ثم وزر للمقتدِر سنة ست عشرةَ و ثلاثمائة ثم قَبَض عليه وصادره وحبَسه عامين ثم وزر بعد ذلك ثانيًا وثالثًا لعدة خلفاء ووقع له حوادث ومِحَن حتّى قُطعت يده ولسانُه وحُبِس حتى مات. قال الصُّولي: مارأيت وزيرًا منذ توفي القاسم بن عبيد الله أحسن حركةً ولا أظرفَ إشارةً ولا أملحَ خطًا ولا أكثرَ حِفْظًا ولا أسلطَ قلمًا ولا أقصدَ بلاغة ولا آخذَ بقلوب الخلفاء من محمد بن علي يعني ابن مُقْلة. قال: وله بعد هذا كله عِلْم بالإعراب وحفظ اللغة. وقال محمد بن إسماعيل الكاتب: لما نَكَب أبو الحسن بن الفُرات أبا عليّ بن مُقْلة لم أدخل إليه في حبسه ولا كاتبته خوفًا من ابن الفُرات فلما طال أمره كتب إلي يقول: تُرَى حُرمتْ كُتْبُ الأخلأء بينهم أبِنْ لِي أم القِرطاسُ أصبحَ غاليا فماكان لوساءلتنا كيف حالُنا وقد دَهَمَتْنَا نَكْبة هي ما هيا صديقُك مَن راعاك عند شديدة وكل تراه في الرخاء مُراعِيَاَ فهَبْكَ عدوي لا صديقي فرُبما تكاد الأعالحي يرحَمون الأعاديا 6 وأنفذ في طيئ الورقة ورقة إلى الوزير فيها: أمسكتُ - أطال الله بقاء الوزير - عن الشكوى حتى تناهت البَلْوى في النفس والمال والجسم والحال إلى ما فيه شِفاء للمنتقم وتقويم للمجترم أفضيتُ إلى الحَيْرة والتبلُّد وعيالي إلى الهُتْكة والتشرد وما أبداه الوزير الله - في أمري إلا بحق واجب وظن غيرِ كاذب وعلى كل حال فلي ذمام و وصحبة وخِدمة إن كانت الإساة أضاعتها فرِعاية الوزير أيده الله تعالى بحفظه ولا مفزَعَ إلا إلى الله بلطفه وكَنَفِ الوزير وعطفه فإن رأى - أطال الله بقاءه أن يلحَظ عبدَه بعين رأفته ويُنْعِمَ بإحياء مهجته وتخلِيصها من العذاب الشديد والجَهْد الجَهِيد ويجعلَ له من معروفه نصيبًا ومن البَلْوَى فرجًا قريبًا ". وفيها توفَي محمد بن القاسم بن محمد بن بشار أبوبكر الأنْبَارِيّ النحوي اللغوي العلامة وُلد سنة إحدى وسبعين ومائتين سمِع الكثير وروَى عنه جماعة كثيرة. وقال أبو عليَ القالي تلميذه: كان أبو بكر يَحفظ ثلاثماثة ألف بيت شاهدا في القرآن وفيها توفي أبوالحسن المزيَن أحد مشايخ الصوفية ببغداد كان آسمه فيما قيل علي بن محمد. قال السلمي: صحِب الجُنيدَ وسهلَ بن عبد الله وأقام مجاورًا إلى أن مات وكان من أورع المشايخ وأحسنهم حالًا. وهذا هوأبو الحسن المزيّن الصغير وأما أبو الحسن المزين الكبير فبغدادي أيضًا وله ترجمة تاريخ السلمِيّ مختصرة. وفيها توفي المرتعش الزاهد النيسابوري هوعبد الله بن محمد أصله من محلة الحيرة وصحب أباحفص والجنيد وكان أحد مشايخ العراق قال أبو عبد الله الرازي كان مشايخ العراق يقولون عجائب بغداد في التصوف ثلاث إشارات الشبلي ونكت أبي محمد المرتعش وحكايات جعفر الخلدي وسئل المرتعش: بماذا ينال العبد المحبة لمولاه قال: بموالاة أولياء الله ومعاداة أعدائه. وقيل له: إن فلانا يمشي على الماء فقال: عندي أن من يمكنه الله من مخالفة هواه أعظم من المشي على الماء. أمر النيل في هذه السنة. الماء القديم ئلاث أذرع وخمس أصابع مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا وست أصابع. السنة السابعة من ولاية الإخشيذ وهي سنة تسع وعشرين وثلاثمائة: فيها آستكتب بجكم أبا عبد الله الكوفي وعزل ابن شيرزاد عن كتابته وصادره. وفيها في صفر وصلت الروم إلى كفرتوثا من أعمال الجزيرة فقتلوا وسبوا. وفيها في شهر ربيع الأول أشتدت علة الراضي وقاء في يومين أرطالا منالدم فأرسل أباعبد الله الكوفي المذكور إلى بجكم يسأله أن يوئي العهد آبنه أبا الفضل وهو الأصغر وكان بجكم بواسط ثم وفيها في سابع جمادى الآخرة سقطت القبة الخضراء بمدينة المنصور وكانت تاج بغداد ومأثرة بني العباس قال الخطيب في تاريخه إن المنصور بناها آرتفاع ثمانين ذراعا وأن تحتها إيوانا طوله عشرون ذراعًا في مثلها وقيل كان عليها مثال فارس في يده رمح إذا آستقبل به جهة علم أن خارجيا يظهر من تلك الجهة فسقط رأس هذه القبة ليلة ذات مطر وبرد ورعد. وفيها كان غلاء مفرط ووباء عظيم ببغداد وخرج الناس يستسقون ومافي السماء غيم فرجعوا يخوضون في الوحل وآستسقى بهم أحمد بن الفضل الهاشمي. وفيها عزل المتقي الوزير سليمان واستوزر أبا الحسن " أحمد بن محمد بن ميمون الكاتب ثم قدم أبو عبد الله البريدي يطلب الوزارة فأجابه المتقي وكانت وزارة آبن ميمون شهر. وفيها قلد الخليفة المتقي إمرة الأمراء الأمير كورتكين الديلمي وقلد بدرًا الخرشني الحجابة. وفيها توفي أمير المؤمنين الراضي بالله أبو العباس محمد ابن الخليفة جعفر المقتدر ابن الخليفة المعتضد أحمد ابن ولي العهد الموفق طلحة ابن الخليفة المتوكل جعفر ابن الخليفة المعتصم محمد ابن الخليفة الرشيد هارون ابن الخليفة المهدي محمد ابن الخليفة أبي جعفر المنصور عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي البغداي العباسي بويع بالخلافة بعد موت عمه القاهر بالله ومات في منتصف شهر ربيع الآخر وهو ابن إحدى وثلاثين سنة وستة أشهر وبويع بالخلافة كان الراضي فاضلا سمحا جوادا شاعرا محبا للعلماء وهوآخر خليفة له شعر مدون وآخر خليفة آنفرد بتدبير الجند وآخر خليفة خطب يوم الجمعة وآخر خليفة جالس الندماء. قال الصولي سئل الراضي أن يخطب يوم جمعة فصعد المنبر بسرمن رأى فحضرت أنا إسحاق بن المعتمد فلما خطب شنف الأسماع وبالغ في الموعظة انتهى. قلت: ومن شعر الراضي رضي الله عنه: كل صفو إلى كدر كل أمن إلى حنر ومصير الشباب للمو - - ت فيه أو الكبر در در المشيب من واعظ ينذر البشر أيها الآمل الذي تاه في لجة الغرر أين من كان قبلنا ذهب الشخص والأثر رب فاغفر لي الخط - - يئه خير من غفر وفيها في شوال آجتمعت العامة وتظلموا من الديلم ونزولهم في دورهم فلم يقع لذلك إنكار فمنعت العامة الإمام من الصلاة وكسرت المنبر منعهم الديلم من ذلك فقتل من الفريقين جماعة كثيرة. وفيها آستوزر المتقي القراريطي وخلع المتقي على بدر الخرشني وقلمه الحجابة وجعله حاجب الحجاب قلت هذا أول ما سمعنا بمن سمي حاجب الحجاب ولكن لانعلم هل كان بهذه الكيفية أوغير هذه الصورة من أنه كبير الحجبة ولعله ذلك. وفيها توفي بجكم التركي الأمير أبوالخير كان أمير الأمراء قبل بني بويه وكان عاقلا يفهم العربية ولا يتكلم بها بل يتكلم بترجمانه ويقول أخاف أن أتكلم فأخطىء والخطأ من الرئيس قبيح وكان عاقلا سيوسًا عارفًا يتولى المظالم بنفسه قال القاضي التنوخي جاء رجل من الصوفية إلى بجكم فوعظه بالعربية والفارسية حتى أبكاه فلما خرج قال بجكم لرجل احمل معك ألف درهم وأدفعها إليه فأخذها الرجل ولحقه وأقبل بجكم يقول ما أظنه يقبلها فلما عاد الغلام ويده فارغة قال بجكم أخذها قال نعم فقال بجكم بالفارسية كلنا صيادون ولكن الشباك تختلف. وفيها وقع الحرب بين محمد بن رائق وبين كورتكين وانكسر كورتكين واختفى. وفيها توفي عبد الله بن طاهربن حاتم أبو بكر الأبهري كان من أقران الشبلي سئل ما بال الإنسان يحتمل من معلمه ما لا يحتمل من أبويه فقال لأن أبويه سبب لحياته الفانية ومعلمه سبب لحياته الباقية. وفيها توفي العباس بن الفضل بن العباس بن موسى الأمير أبوالفضل الهاشمي العباسي كان الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال: وفيها توفي الحسن بن علي أبو محمد البربهاري شيخ الحنابلة والقاضي أبو محمد عبد الله بن أحمد بن زبر وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن إسحاق المروزي الحامض والراضي بالله أبوإسحاق محمد بن المقتدر في شهر ربيع الآخر عن اثنتين وثلاثين سنة وأبو نصر محمد بن حمدويه المروزي القارىء وأبو بكر يوسف بن يعقوب التنوخي ا لآ زرق أمر النيل في هذه السنة الماء القديم ثلاث أذرع وإحدى عشرة إصبعا مبلغ الزياده خمس عشرة ذراع وثلاث عشرة إصبعًا. السنة الثامنة من ولاية الإخشيذ وهي سنة ثلاثين وثلاثمائة: فيها آستوزر الخليفة المتقي أباعبد الله البريدي برأي آبن رائق لما رأى آنضمام الأتراك إليه فاحتاج إلى مداراته. وفيها في ا لمحرم وجد كورتكين الديلمي في ا لحرب فأحضر إلى دار أبن رائق فحبسه. وفيها كان الغلاء العظيم ببغداد وأبيع كر القمح بمائتي دينار وعشرة دنانير وأكلوا الميتة وكثرت الأموات على الطرق وعظم البلاء وخرج في شهر ربيع الآخر الحرم من قصر الرصافة يستغثن في وفي هذه الأيام وصلت الروم إلى حموص من أعمال حلب وهي على ستة فراسخ من حلب فأخربوا وأحرقوا وسبوا عشرة آلاف نسمة. وفيها ولي قضاء الجانبين ومدينة أبي جعفر القاضي أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن إسحاق الخرقي التاجر وتعجب الناس من تقليد مثله القضاء. وفيها عزل البريدي وقلد القراريطي الوزارة. وفيها في جمادى الأولى ركب المتقي ومعه آبنه أبومنصور ومحمد بن رائق والوزير القراريطي والجيش وسار بين أيديهم القراء في المصاحف لقتال البريدي وآجتمع الخلق على كرسي الجسر فثقل بهم وآنخسف فغرق خلق وأمر ابن رائق بلعن البريدي على المنابر ثم أقبل أبوالحسين علي بن محمد أخو البريدي إلى بغداد وقارب المتقي وابن رائق وقاتلهما فهزمهما وكان معه الترك والديلم والقرامطة ودخلوا بغداد وكثر النهب بها وتحصن ابن رائق بها فزحف أبو الحسين البريدي على الدار وآستفحل الشر ودخل طائفة دار الخلافة وقتلوا جماعة وخرج الخليفة المتقي وآبنه هاربين إلى الموصل ومعهما آبن رائق واستتر الوزير القراريطي ودخلوا على الحرم ونهبت دار الخلافة ووجدوا في السجن كورتكين الديلمي وأبا الحسن سعيد بن عمرو بن سنجلا وعلي بن يعقوب فجيء بهم إلى أبي الحسين فقيد كورتكين وبعث به الى أخيه بالبصرة وكان آخر العهد به ونزل أبوالحسين دار ابن رائق وقلد الشرطة في الجانب الشرقي لتوزون ولأبي منصور نوشتكين الشرطة في الجانب الغربي واشتد القحط ببغداد حتى أبيع كر القمح بثلاثمائة وستة عشر دينارا ثم وقع بين البريدي وبين توزون ونوشتكين حرب ووقع لهم أمور وآنصرف توزون إلى الموصل وانضم إلى ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان. وفيها كانت وقعة بين الأتراك والقرامطة فانهزمت القرامطة. وفيها آنضم محمد بن رائق على الحسن بن عبد الله بن حمدان المذكور ثم وقع بينهما وقتل ابن رائق قتله أعوان الحسن بن عبد الله بن حمدان المذكور وخلع المتقي على الحسن بن عبد الله بن حمدان المذكور ولقبه بناصرالدولة وعلى أخيه علي ولقبه بسيف الدولة وعاد الخليفة إلى بغداد قلت وهذا أول عظمة بني حمدان فهم على هذا الحكم أقدم الملوك ولما قدم الخليفة المتقي إلى بغداد ومعه بنو حمدان هرب منها البريدي إلى واسط بعد أن أقام ببغداد ثلاثة أشهر وعشرين يومًا. وفيها توفي العارف بالله أبويعقوب إسحاق بن محمد النهرجوري شيخ الصوفية مات بمكة وكان صحب سهل بن عبد الله والجنيد وغيرهما وكان من كبار المشايخ. وفيها توفي المحاملي الزاهد أبو صالح مفلح بن عبد الله الدمشقي صاحب الدعاء وغيره وإليه وفيها توفي محمد بن رائق الأمير أبو بكر وكان من أكابر القواد ولي الأعمال الجليلة ثم قدم دمشق وأخرج منها بدرا الإخشيذي وأقام بها شهرا ثم توجه إلى مصر والتقى هووالإخشيذ وقد ذكرنا ذلك كله مفصلا في ترجمة الإخشيذ وغيره ثم عاد إلى بغداد فدخلها وخلع عليه المتقي خلعة الإمارة وألبسه الطوق والسوار وقلده الأمور ثم خرج مع المتقي لحرب ناصرالدولة بن حمدان وجرت له أمور طويلة حتى قتل بالموصل. قال الصولي أنشدنا الأمير محمد بن رائق في فتاة مشرقية: يصفر لوني إذا بصرت به خوفا ويحمر وجهه خجلا حتى كأن الذي بوجنته من دم قلبي إليه قد نقلا وفيها توفي نصر بن أحمد أبو القاسم البصري الخبزأرزي الشاعر المشهور قدم بغداد وكان يخبز خبزالأرز يتكسب بذلك وكان له نظم رائق وكان أميا لا يتهجى ولا يكتب وكان ينشد أشعاره وهويخبز خبز الأرز بمربد البصرة في دكان وكان الناس يزدحمون عليه لاستماع شعره ويتعجبون من حاله وكان أبو الحسين محمد بن محمد المعروف بابن لنك الشاعر المشهور ينتاب دكانه ليستمع شعره وآعتنى به وجمع له ديوانا ومن شعره قوله: خليلي هل أبصرتما أو سمعتما بأكرم من مولى تمشى إلى عبد فما زال نجم الكأس بيني وبينه يدور بأفلاك السعادة والسعد فطورا على تقبيل نرجس ناظر وطورًا على تعضيض تفاحة الخد وله: كم أناس وفوا لنا حين غابوا وأناس جفوا وهم حضار عرضوا ثم أعرضوا وآستمالوا ثم مالوا وجاوروا ثم جاروا لا تلمهم على التجني فلو لم يتجنوا لم يحسن الاعتذار وله: وكان الصديق يزور الصديق لشرب المدام وعزف القيان فصار الصديق يزور الصديق لبث الهموم وشكوى الزمان وله القصيدة الطنانة التي أولها: بات الحبيب منادمي والسكر يصبغ وجنتيه ثم آغتدى وقد آبتدا صبغ الخمار بمقلتيه وهي طويلة ومن شعره قوله: ولولا التورد في الوجنتين وما راعني من سواد الشعر لكنت أظن الهلال الحبيب وكنت أظن الحبيب القمر أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ثلاث أذرع ونصف إصبع مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعا وثماني أصابع السنة. M0لنة التاسعة من ولاية الإخشيذ على مصر وهي سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة: فيها تزوج أبومنصور إسحاق ابن الخليفة المتقي بالله ببنت ناصرالدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان التغلبي الصداق مائتا ألف دينار وقيل مائة ألف دينار وخمسمائة ألف درهم. وفيها في صفر وصلت الروم أرزن وميافارقين ونصيبين فقتلوا وسبوا ثم طلبوا منديلا من كنيسة الرها يزعمون أن المسيح المسيح به وجهه فآرتسمت صورته فيه على أنهم يطلقون جميع من سبوا من المسلمين فآستفتى الخليفة الفقهاء فأفتوا بأن إرساله مصلحة للمسلمين فأرسل الخليفة إليهم المنديل وأطلق أسارى. وفيها ضيق الأمير ناصرالدولة حسن بن عبد الله بن حمدان على الخليفة المتقي في نفقاته وأخذ وفيها وافى الأمير أحمد بن بويه يقصد قتال البريدي فاستأمن إليه جماعة من الديلم. وفيها هاج الأمراء على سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان بواسط فهرب منهم في البرية يريد بغداد ثم سار ناصرالدولة إلى الموصل خائفا لهروب أخيه سيف الدولة ونهبت داره واستوزر المتقي أبا الحسين علي بن أبي علي محمد بن مقلة. وفيها سار توزون من واسط وقصد بغداد في شهررمضان فآنهزم سيف الدولة إلى الموصل أيضًا فخلع الخليفة المتقي على توزون ولقبه أمير الأمراء ثم وقعت الوحشة بين المتقي وتوزون فعاد توزون إلى واسط وفيها نزح خلق كثير من بغداد مع الحجاج إلى الشام ومصرخوفا من الفتنة وفيها ولد لأبي طاهر القرمطي ولد فأهدى إليه أبو عبد الله البريمي هدايا عظيمة فيها مهد ذهب مجوهر. وفيها استوزر المتقي الخليفة غير وزير من هؤلاء الحاملين ويعزله فاستوزر أبا العباس الكاتب الأصبهاني وكان أبو العباس المذكور ساقط الهمة بحيث إنه كان يركب أيام وزارته وبين يديه أثنان وما ذلك إلا لضعف دست الخلافة ووهن دولة بني العباس. وفيها حج بالناس القرمطي على مال أخذه منهم. وفيها توفي بدر الخرشني وكان قد جرت له أمور ببغداد وكان من أكابر القواد ثم سار إلى الإخشيذ محمد بن طغج أمير مصر أعني صاحب الترجمة فولاه الإخشيذ إمرة دمشق فوليها شهرين ومات في ذي القعدة وقد تقدم ذكر بدر هذا في عمة أماكن في الحوادث وغيرها. وفيها توفي أبو سعيد سنان بن ثابت المتطبب والد ثابت مصنف التاريخ وقد أسلم سنان على يد الخليفة القاهر بالله وطبب سنان المذكور جماعة من الخلفاء وكان مفتنا في علم الطب وغيره. وفيها توفي محمد بن عبدوس مصنف كتاب الوزراء ببغداد كان فاضلا رئيسا وله مشاركة في فنون. وفيها توفي محمد بن إسماعيل أبو بكر الفرغاني الصوفي أستاذ أبي بكر الدقاق كان من المجتهدين في العبادة قال الرقي ما رأيت أحسن منه ممن يظهر الغنى في الفقر كان يلبس قميصين ورداء وسراويل ونعلا نظيفا وعمامة وفي يده مفتاح وليس له بيت ينطرح في المساجد ويطوي الخمس والست وقال عبد الواحدبن بكر سمعت الرقي يقول سمعت الفرغاني محمد بن إسماعيل يقول " دخلت الدير الذي بطور سيناء فأتاني مطرانهم بأقوام كأنهم نشروا من القبور فقال هؤلاء يأكل أحدهم في الأسبوع مرة يفخرون بذلك فقلت لهم كم صبر مسيحكم هذا قالوا ثلاثين يوما وكنت قاعدا في وسط الدير فلم أزل جالسًا أربعين يومًا لم آكل ولم أشرب فخرج إلي مطرانهم فقال: يا الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي حسن بن سعد الكتافي القرطبي الحافظ ومحمد بن أحمدبن يعقوب بن شيبة السدوسي ومحمد بن مخلد بن حفص العطار ويعقوب بن عبد الرحمن الجصاص. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذراعان وست أصابع مبلغ الزيادة تسع عشرة ذراعًا. السنة العاشرة من ولاية الإخشيذ وهي سنة اثنتين وثلاثين وئلاثمائة فيها قدم أبوجعفربن شيرزاد من واسط من قبل توزون إلى بغداد فحكم على بغداد فخرج الخليفة المتقي إلى تكريت بأولاده ومعه الوزير فقدم عليه سيف الدولة وأشار عليه بأن يصعد إلى الموصل ليتفقوا على رأي فقال المتقي ما على هذا عاهدتموني. ثم حضر ناصرالدولة بن حمدان والتقى مع توزون وآقتتلوا أياما وأردفه أخوه ثم آنهزم بنو حمدان وفروا ومعهم المتقي إلى نصيبين ثم أرسل المتقي لتوزون في الصلح فأجاب توزون إلى الصلح ورجع الخليفة إلى بغداد بعد أمور صدرت له. وفيها قتل أبو عبد الله البريمي أخاه أبا يوسف ثم مات بعده بيسير. وفيها ولى ناصرالدولة بن حمدان ابن عمه الحسين بن سعيدبن حمدان قنسرين والعواصم فسار إلى حلب. وفيها كتب المتقي إلى الإخشيذ صاحب مصر أن يحضر إليه فخرج من مصر وسار إلى الرقة وقد تقدم ذكر ذلك في أول هذه الترجمة. وفيها قتل حمدي اللص وكان لصا فاتكا كان ابن شيرزاد ضمنه اللصوصية ببغداد في الشهر بخمسة وعشرين ألف دينار وكان يكبس بيوت الناس بالمشعل والشمع ويأخذ الأموال وكان أسكورج الديلمي قد ولي شرطة بغداد فقبض عليه ووسطه قلت: لعل حمدي هذا هوالذي يقال له عند العامة في سالف الأعصار أحمد الدنف. وفيها دخل أحمد بن بويه واسطا وهرب أصحاب البريدي إلى البصرة. وفيها في شوال عرض لتوزون صرع وهوعلى سرير الملك فوثب ابن شيرزاد وأرخى عليه الستر وقال: قد حدثت للأمير حمى. وفيها لم يحج أحد لموت القرمطي. وفيها توفي أحمدبن محمد بن سعيد بن عبد الرحمن مولى بني هاشم أبو العباس الكوفي الحافظ المعروف بابن عقدة وهولقب أبيه سمع الكثير حتى من أقرانه وكان حافظا مفتنا جمع الأبواب والتراجم وروى عنه الدار قطني وغيره. وفيها هلك الخبيث الطريد من رحمة الله أبوطاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي الهجري القرمطي في شهررمضان بالجدري بعد أن رأى في نفسه العبر وتقطعت أوصاله وهوالذي قتل الحجيج وآستباحهم غير مرة وآقتلع الحجر الأسود وتولى مكانه أبو القاسم سعيد أبن الحسن أخوه وقد تقدم ذكر أبي طاهر فيما مضى غير أن صاحب المرآة أرخ وفاته في هذه السنة وقد ذكرناها ثانيا لهذا المنكر عليه اللعنة والخزي. وفيها دخل الدمستق إلى رأس العين في ثمانين ألفا من الروم فقتل وسبى خلقا كثيرًا وقيل كان ذلك في الماضية. الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالعباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الحافظ وأبو بكر محمد بن الحسين النيسابوري القطان وعبد الله بن أحمد بن إسحاق المصري الجوهري رضى الله عنهم. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم أربع أذرع وإصبع واحدة مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعا وتسع أصابع. السنة الحادية عشرة من ولاية الإخشيذ فيها خلع المتقي إبراهيم من الخلافة وسمل فعل به ذلك توزون قال المسعودي لما التقى توزون بالمتقي ترجل وقبل الأرض فأمره المتقي بالركوب فلم يفعل ومشى بين يديه إلى المخيم الذي ضرب له فلما نزل قبض عليه توزون وأكحله فصاح المتقي وصاح النساء فأمر توزون بضرب الدبادب حول المخيم ثم دخل توزون بالمتقي إلى بغداد مسمول العينين وأحضر توزون عبد الله بن المكتفي وبايعه بالخلافة ولقبه بالمستكفي بالله ولما بلغ القاهر بالله المخلوع عن الخلافة والمسمول أيضًا قبل تاريخه أن المتقي خلع وسمل قال صرنا آثنين ونحتاج إلى ثالث يعرض بالمستكفي الذي بويع بالخلافة وكان كما قال على مايأتي ذكره إن شاء الله تعالى وكنية المستكفي أبو القاسم وأمه أم ولد وبويع بالخلافة وعمره إحدى وأربعون سنة وعاش المتقي بعد خلعه وسمله خمسا وعشرين سنة أعمى وكان خلعه في عشرين صفرفلم يحل الحول على توزون حتى مات. وفيها كانت وقعات عديحة بين توزون وبين أحمد بن بويه وكلها على توزون والصرع يعتريه حتى كل الرجال من الطائفتين ورجع آبن بويه إلى الأهواز ورجع توزون إلى بغداد مشغولا بنفسه من العلة بالصرع إلى أن مات. وفيها سار سيف الدولة بن حمدان إلى حلب فملكها وهرب أميرها يأنس المؤنسي إلى مصر وفيها غزا سيف الدولة بن حمدان بلاد الروم ورد سالما بعد أن بدع بالعدو وسبب هذه الغزوة أنه بلغ الدمستق ما فيه سيف الدولة من الشغل بحرب أضداده فسارفي جيش عظيم وأوقع بأهل بغراس ومرعش وقتل وسبى فأسرع سيف الدولة إلى مضيق وشعاب وأوقع بجيش الدمستق وبيتهم واستنقذ الأسارى والغنيمة من أيدي الروم وانهزم الروم أقبح هزيمة ثم بلغ سيف الدولة أن مدينة الروم قد تهدم بعض سورها وكان ذلك في الشتاء فآغتنم سيف الدولة الفرصة فأناخ عليهم وقتل وسبى لكن أصيب بعض جيشه. الذين ذكرالذهبي وفاتهم في هذه السنة قال وفيها توفي أبوالطيب أحمد بن إبراهيم الشيباني وأبو عمروأحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم المدني والمتقي بالله إبراهيم بن المقتدرخلع وسمل في صفر ثم بقي خاملا منسيا إلى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة وأبو علي محمد بن أحمد بن عمرواللؤلئي. أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذراعان واثنتا عشرة إصبعامبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعا واثنتاعشرة إصبعًا.
|